الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
المدرسة أيضا تحب طلابها!!

المدرسة أيضا تحب طلابها!!

 سلمتها معلمة طفلتها كراسات الفصل وبعض الكتب، و«توكة وبروش» مزينين بكلمات «أحبك أمى»، كانت المدرسة قد أعدتها لكل طفلة، كى تقدمها لأمها فى حفلة عيد الأم، التى كانت ستقام الخميس الماضى. المدرسة كانت تُحضِّر للحفلة منذ أسابيع، وبالمثل كانت الأمهات يحضرن للحفلة أيضا، صنعن «جروب واتس آب» صغيرا خاصا، غير الجروب الكبير الذى يشارك فيه كل «ماميز الفصل»، الجروب الصغير مخصص لمناقشة هدايا عيد الأم الجماعية التى ستقدم للمعلمات والمساعدات والعاملات.



 

واستمرت اقتراحات ومشاورات الهدايا، بتفاصيلها التى لم يمللن منها، وتبرع البعض لزيارة محلات الهدايا وتصوير بعض الهدايا وإرسالها عبر الجروب، ليقول الجميع رأيهن فى الذوق والسعر، حتى استقر الجميع على الهدايا، وعلى كيفية إيصال ثمنها لمن ستشتريها، عبر باص المدرسة.

الجميع كان متشوقا للحفلة التى لم يتبق عليها سوى أيام، الأمهات بدأن تحضير ملابسهن وملابس أولادهن، واستعددن للقاء الذى سيجمعهن وجها لوجه لأول مرة، فأغلبهن انضم إلى جروب الماميز، من دون أن يعرف الكثيرات اللاتى يكتبن تعليقات وملاحظات شبه يومية على الجروب. 

لم يكن فى حسبان أحد أن تعلق الدراسة، قبل الحدث السنوى بأيام قليلة، وأن يتبعها قرارات توحى بألا عودة منتظرة قبل العام الجديد، «المدرسة من غير الأولاد..صحراء..كل يوم واحنا جايين المدرسة بنقول لنفسنا هنعمل ايه من غيرهم» قالتها بأسى المعلمة وهى تسلم «التوكة والبروش» للأم الشابة.

«إحساس مختلف أول مرة أشعر بيه، فى إجازات نصف السنة، أو حتى آخر السنة، نكون منشغلين بالتحضير لاستقبال التلاميذ، بدورات تدريبية وبوضع الجدول، والصيانة والتجديد، وتفاصيل كثيرة، صحيح انتقلنا للتعليم أونلاين، حتى لا تنقطع صلتنا بالتلاميذ، لكننا نفتقد أصواتهم التى تملأ المدرسة حيوية وروحًا».

تعليم سريع ومفيد ومريح

«مفهوم المؤسسة التعليمية فى خطر، ولا بد أن تؤهل لتلبى احتياجات تلاميذ المستقبل» تذكرت هذه العبارة التى قالتها أستاذة التربية بجامعة الزقازيق، صفاء عبدالعزيز، خلال ورشة العمل التى نظمها نهاية ديسمبر الماضى، المجلس العربى للطفولة والتنمية «العالم الرقمى وثقافة الطفل العربى».

 وقتها فاجأ أطفال الكشافة الذين شاركوا فى ورشة العمل من طلاب المدارس الإعدادية والثانوية، المشاركين بمشروعات لتصوراتهم عن حل مشكلة التعليم، تتمثل فى تعليم بالموبايل ومعلمي روبوت، أو معلمين افتراضيين يأتون إلى غرفتك بتكنولوجيا البعد الخامس.

وعلل الطلاب تركهم لشكل المدرسة الحالى، ولجوئهم إلى المدرسة الافتراضية، بأنهم يريدون تعليما مريحا وسريعا، يعتمد على الفهم وأكثر فائدة ويضعون منهجه بأنفسهم.

بالتأكيد لم يكن يعلم هؤلاء الطلاب أنهم سينتقلون فى غضون شهرين فقط، بفضل كورونا، إلى التعليم أونلاين أو شكل من أشكال المدرسة الافتراضية، التى رأوها حلا لمشاكل المدرسة.

تجاوب الطلاب -أغلبهم- لأشكال التعليم الإلكترونى، تقول أنه بإمكانهم التعلم عن بعد، وأن «نظام التابلت» أو التعلم عبر الأجهزة الذكية، قد نجح، وانتصر على كل مخاوف أولياء الأمور.

وفًه التبجيلا

أما تجارب المعلمين فى الشرح عن بعد، فكشفت عن أشياء كثيرة، أهمها فى رأيى أنها أثبتت للكثيرين أن هناك وسط المعلمين، من هم مؤمنون برسالتهم..محبون لطلابهم، ذهب بعضهم للمدارس المعلق بها الدراسة، ووقف أمام السبورة يشرح لطلاب افتراضيين، يصوره زميله عبر الموبايل، ليضع الفيديو على صفحة المدرسة على فيسبوك.

وأرسل آخرون فيديو يظهر صوت المعلم فقط، وهو يصور مذكرات كتبها بخط يده يشرح فيها على خريطة أو على رسم لمادة الأحياء، أو يوضح فيها إعراب الأفعال الخمسة، على طريقة الدرس الخاص، هذا غير المعلمين المحترفين الذين استخدموا منصات تعليمية متخصصة، تساعد على أكثر على الفهم والاستيعاب.

تتبع طرق المعلمين فى الشرح الافتراضى، ومبادراتهم التلقائية، خلال أزمة تعليق الدراسة، جديرة بالتأمل والدراسة، ومن المهم أيضا استطلاع آراء الطلاب فى أى هذه الطرق كانت أفضل، لتخطط على أساسها دورات تدريبية متخصصة للمعلمين، لرأب المسافة بين ما يمتلكونه من أدوات وما هو أفضل للطلاب وللتعليم.

أصحاب السنتر

أثبتت الأزمة أن بإمكان الكثير من الطلاب الاستغناء عن ظاهرة السنتر، التى ظننا أنه لا يمكن الخلاص منها، بعد أن أصبحت صناعة كاملة وبيزنس متكاملا، مباني ومعلمين ومساعدين وعمال ومذكرات و..و..، فقد حل التعليم أونلاين محلها، وحل المعلمون المتطوعون محل البيزنس الكبير الذى استشرى، فحولته كورونا أثرًا بعد عين.

بعد الأزمة، سيكون على المسئولين والمعلمين والطلاب وأولياء الأمور أن يجلسوا معا، ليحددوا دورًا جديدًا للمدرسة، يكمل التعليم عن بعد، يركز على التواصل والتفاعل الإنسانى الذى لا يمكن للتعليم عن بعد أن يغنينا عنه.

سيذهب «كورونا» وستبقى المدرسة التى تحب هى أيضا طلابها، مثلما يحبها الطلاب ويذهبون إليها فى أول كل عام فرحين مستبشرين، ليدبوا فيها الروح بأصواتهم وتهليلاتهم وبترديدهم لنشيد الصباح وتحية العلم.