الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«الروبوت الجرّاح» يقضى على السرطان!

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

المستقبل للذكاء الصناعى!



هكذا يفكر كثيرون من المتابعين لتطور هذه التكنولوجيا الإلكترونية، ويضيفون أن الروبوتات سوف تحل محل البشر فى معظم إن لم يكن كل - مجالات العمل، ويضربون على ذلك أمثلة عديدة، آخرها الحدث العالمى الذى شهدته لندن الأسبوع الماضى حيث تمكن «روبوت جرّاح» من إزالة ورمين سرطانيين من جسم مريض خلال عملية جراحية واحدة. 

وهكذا قيل إن «الروبوت الجرّاح» قادر على القضاء على السرطان.

فقد تمكن الجراحون المعالجون لحالات السرطان فى مستشفى «جاى» البريطانى من استخدام «الروبوت الجرّاح» فى عملية هى الأولى من نوعها فى العالم بإزالة ورمين سرطانيين من جسم مريض، أحدهما فى الرقبة والثانى فى الرئة، وذلك خلال عملية جراحية واحدة استغرقت ست ساعات. ولولا الروبوت لكان لا بد من فصل فكّى المريض، فى عملية عادية كان مقررًا لها أن تستغرق وقتًا أطول مع بقاء المريض فى العناية المركزة لمدة أطول قد تمتد لأسابيع مع تأخير فى العلاج الكيميائى لعدة شهور.

وكان المريض يعانى من سرطان فى الحلق، بالإضافة إلى ورم سرطانى اكتشف فى رئته اليمنى. وقد قام الروبوت المسمى «دافنشى إكس آى» بالمهمة بنجاح. 

وليست هذه العملية الناجحة إلا واحدة من حوالي٨٠٠ عملية تقوم بها الروبوتات كل عام فى بريطانيا.  تكنولوجيا تقضى على فرص العمل

هل صحيح ما يعلنه كثيرون من علماء المستقبليات، والاقتصاد، أن الروبوتات وتكنولوجيا الذكاء الصناعى سوف تقضى على فرص العمل لدى كل الناس تقريبا؟!

 لنقرأ الدراسة التى أصدرتها جامعة أوكسفورد وتعلن أن الذكاء الصناعى سوف يهدد 47 % من الوظائف فى أمريكا خلال العشرين عامًا المقبلة، وأن ملايين المهن والوظائف فى قطاع المواصلات ستختفى مع ازدهار وانتشار السيارات ذاتية القيادة. 

ولنستمع إلى تصريح كبير الاقتصاديين فى بنك إنجلترا «اندى هالدان» الذى يقول فيه إن نحو نصف المهن فى بريطانيا فى خطر نتيجة للتطور فى مجال تكنولوجيا الذكاء الصناعى.

 لكن تقريرًا صدر عن مؤسسة اقتصادية مهمة هى «برايس واترهاوس» كان متفائلًا إذ اكتفى بأن هناك فقط 30 % من المهن البريطانية هى التى ستواجه المخاطر بسبب «الأوتوماشون» أى استخدامات تطبيقات الذكاء الصناعى، وستكون مجالات المواصلات والتخزين، والتجارة والصناعة هى الأكثر عرضة للاعتماد على تطبيقات الذكاء الصناعى.

 وتضمن التقرير أن مستواك التعليمى سيحدد مكانك من التغيرات الجذرية التى ستحدثها «ثورة الأتمتة» الناتجة عن تكنولوجيا الذكاء الصناعى.. وما هى فرص استبدالك بروبوت!

فسيكون نحو 46 % من العاملين ممن تلقوا تعليمًا حتى مستوى الثانوية العامة أو أقل فى خطر، مقارنة بـ 12 % من العاملين المتخرجين من الجامعات.

والعمال غير المهرة، وذوى الأشغال قليلة الأجر، سيكونون أول الضحايا الذين ستحل الروبوتات محلهم. وقد تم ابتكار الروبوت الذى يمكنه أن يجهز سندوتشات «الهامبورجر».. ويطلقون عليه «فليبى» ويمكنه تجهيز 2000 ساندوتش فى اليوم.

وهؤلاء الذين يحتلون وظائف أكثر مهنية، ليسوا فى مأمن مع ذلك، فقد استطاع الذكاء الصناعى التفوق على خريجى كليات الحقوق فى مسابقة لفحص عقود قانونية، فبينما حقق المحامون البشر المتسابقون فى المتوسط نسبة 85 % من الدقة واستغرقوا 95 دقيقة فى مراجعة خمسة عقود، حقق الذكاء الصناعى نتيجة أفضل هى: 95 % دقة، واستغرق 26 ثانية فقط!  

السباق يحتدم بين الإنسان و«الأتمتة»

والسباق بين القوى العاملة البشرية والأجهزة الإلكترونية المصممة بتطبيقات الذكاء الصناعى، يحتدم فى بريطانيا، ويكفى أن تلاحظ هذه الأيام انتشار ماكينات فى محلات السوبر ماركت، تقوم بعمل «الكاشيير» الذى يحاسبك على ما تشتريه، الآن يتوافر عدد كبير من هذه الماكينات التى حلت محل العمال، وماعليك سوى وضع ما اشتريته أمام شاشة هذه الماكينة التى ستقرأ بيانات البضاعة المسجلة على غلافها بعلامة خاصة وترصد مجموع ما يجب عليك دفعه وتقدم لك إيصالًا بعد أن تضع المبلغ النقدى أو بطاقتك البنكية البلاستيكية أمام الشاشة، وفى حالة الدفع بالنقود سوف ترد لك هذه الماكينة الذكية ما يتبقى لك بعد ذلك.

وهكذا تحل الآلات المعتمدة على تطبيقات الذكاء الصناعى محل البشر. والماكينة «الكاشيير» ثمنها حوالى 30 ألف جنيه إسترلينى، لكنها تعمل فى كل الورادى، ولا تطلب إجازات ولا تشكو المرض، وخلال ستة أشهر تعوض ما يساوى ثمنها بقيمة عملها، وتواصل الباقى بالمجان.

مقالات وروايات  تكتبها برامج الذكاء الصناعى!

هل ستحل أجهزة الذكاء الصناعى محل كتاب الرواية ومحررى الصحف والمجلات؟!

هناك من يؤكد أن ذلك مستحيل، وأن الإجابة بنعم هى نوع من الاستسلام للخيال العلمى، بعيدًا عن الواقع، لكن ماذا نقول لو علمنا أن وكالة أنباء بريطانية عالمية هى «أسوشيتد برس» تعتمد الآن فى بعض تقاريرها الرياضية على برنامج ذكاء صناعى يسمى «وورد سميث» - صانع الكلمات - وهناك برنامج آخر يسمى «كويل» يقوم بتحرير مواد وموضوعات عن الأسواق المالية والبورصات. 

وأعلنت صحيفة «الجارديان» البريطانية أنه مع حلول عام 2030 أى بعد عشر سنوات فقط، سيتم تحرير 90 % من المواد الصحفية بآلات تعتمد تكنولوجيا الذكاء الصناعى.

وماذا عن الكتابة الإبداعية.. الروايات والسيناريوهات، هل يمكن أن تؤلفها أجهزة تعتمد على تقنيات الذكاء الصناعى؟

عندما سئل أشهر كتاب روايات الإثارة والغموض فى بريطانيا «لى تشايلد» عما إذا كان يمكن لماكينة أن تكتب روايات مماثلة لما يكتب، قال: منطقيًا، يجب أن يكون ذلك ممكنًا.

 فكلما يسألنى أحد «من أين تأتى أفكار رواياتك»؟ تكون إجابتى دائمًا هى: من القراءة. فكلما قرأت ما يكفى من الكتب كلما أمكنك أن تكتب.. فأنت تختلق بطريقة ما روايتك من ماهو قائم بالفعل، ويمكنك أن تجعل الماكينة تقرأ كل شىء الآن، فإذ تم هضم كل ذلك فمن السهل أن تتخيل أن تقوم هذه الماكينة بوضع رواية، ربما!

على الرغم من الفوائد العديدة الناتجة عن استخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعى، كما علمنا من النجاح الذى حققه «الروبوت الجرّاح» فى لندن، بإزالة ورمين سرطانيين فى عملية واحدة، مثلا، وفى التطور الذى تشهده مجالات أخرى مثل صناعة آلات «سات ناف» التى تحدد لمستعملها خريطة الوصول إلى المكان الذى يقصده عند السفر، أو التنقل من مكان إلى آخر، وهى الخدمة التى أصبحت متوافرة على أجهزة التليفون المحمول، ومثل ظهور أجهزة إلكترونية تستجيب لمن يحدّثها وتقوم بأعمال مثل الاتصال التليفونى وحجز التذاكر وتشغيل الأجهزة المنزلية وغير ذلك، فإن هناك مخاوف شديدة من التوسع فى الاعتماد على تقنيات الذكاء الصناعى حذر منها علماء بارزون، منبهين إلى أن تطور هذه التكنولوجيا قد يصل إلى حدود تتجاوز قدرة الإنسان على السيطرة عليها.