الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأزهر ومايكروسوفت

ريشة: عبدالرحمن أبوبكر
ريشة: عبدالرحمن أبوبكر

يتغير العالم حولنا كما نرى. تغيير عنيف نحو اقتصاد جديد يتبعه ثقافة جديدة وحياة اجتماعية جديدة مرتبطة بتغير الدول بجغرافيتها وهويتها وحتى قيادتها. هناك صراع عنيف بين قوى العالم سيؤدى حتما لسحق هويات وتدمير دول وإعادة رسم خرائط واختفاء قوميات من الوجود. يحدث هذا ومازلنا فى مصر نعانى من إرث قديم قذر وضع بذرته المستعمر الأوروبى وهو خرافات الدين المسيطرة على عقول الشعب. ففى الوقت الذى اخترعت فيه شركة مايكروسوفت نظارات هولونس التى تعرض الصور بشكل مجسم ثلاثى الأبعاد وهو أحدث اختراعات الشركة مازال يثار لدينا خرافات رجال الدين ومازلنا فى دوامة تجديد الخطاب الدينى. ومازال الأزهر يدور فى دائرة مغلقة حول الحلال والحرام وفائدة التراث وقيمته. ومازلنا نتجادل فى حقوق المرأة ونتجادل فى اللحية والجلباب والختان ودخول دورة المياه بالقدم اليسرى. ومازال لدينا مفكرو دين يتهمون الغرب بالكفر والإلحاد والانحلال وأننا خير أمة أُخرجت للناس. وفى الحقيقة أننا المنحلون كما قال يوما الدكتور زكى نجيب محمود فى حوار تليفزيونى معلقًا عن حالنا. بل ونحن المتخلفون الرجعيون ولم نقدم للبشرية خلال قرن من الزمان أى منتج حضارى سواء كان فكرًا أو منتجًا ماديًا أو حتى سلوكًا. لم نقدم اختراعًا أو ابتكارًا أو اكتشافًا بل كل الاختراعات والاكتشافات جاءت إلينا جاهزة من هؤلاء الكفرة الملحدين الزنادقة كما يدعى عليهم بعض رجال الدين فى مصر. بل مازال لدينا كيان كبير مترهل اسمه الأزهر لم يقدم رجاله أى جديد لصالح تقدُّم تلك الأمة بل كان مساعدًا فى إخراج طيور الظلام وفرد مظلة غياب الوعى الإنسانى على الأمة كلها. نحن هنا لا نقصد أشخاصًا بعينهم؛ بل نقصد كيانًا كبر وترهل واخترق وتلون فأصبح على تلك الحالة التى نراها. المستقبل القريب والبعيد لا يوجد فيه رفاهية الجدل والدوران حول النفس والنقاش فى قضايا بالية، فالتغيير القادم كاسح لكل تلك التيارات الظلامية. لا وجود ولا حياة للتخلف والتشدد. بل فى منطقتنا بالتحديد يعد مشروع علمانى يضم مصر وإسرائيل والسودان وإثيوبيا سيتم تنفيذه غصبًا عن أى معترض مزايد يستخدم الدين للاسترزاق. وهو ما يوجب علينا لوقفة مع النفس واستعادة الهوية المصرية حفاظًا على كيان الأمة. هوية مصر الاحتواء لكل الأديان والأعراق والأجناس. هوية مصر بقوتها الناعمة الممتدة لآلاف السنين علمت البشرية مفهوم الحضارة وسلوك الإنسانية. علينا أن ننزع من على صدورنا حجر الوهابية اللعين بعد أن نزعته المملكة وأصبح ماضيًا بغيضًا عندها. لا بد أن ننظر للخلف فى غضب كما قال ونستون تشرشل ونعيد حساباتنا ونضع استراتيجية شاملة لا وجود لخرافات الدين فيها ولا وجود لمشايخ النفط وإعلام النفط وسياس النفط وفن النفط. مصر أمامها فرصة كبيرة لن تتكرر إلا بعد مائة عام. فرصة التحرر العقلى وصناعة المستقبل وبناء الدولة الحديثة. فقد مر قرن من الزمان ونحن ضائعون فى دوامة خرافات لا مثيل لها فى التاريخ الحديث. مصر دولة خطرة تاريخيًا وجغرافيًا وهى فى أزمات متتالية نظرًا لموقعها ونفوذها وهويتها وحجمها. أعداؤها كثيرون وإن أظهر البعض منهم المحبة. علينا أن نعرف العدو الداخلى والخارجى وليس هناك عدو لمصر إلا الدين الوهابى بسلوكه وطقوسه وليس هناك عدو لمصر أخطر من صديق يستطيع فى أى لحظة بماله أن يغرز خنجر الغدر لتنزف الأمة كما فعل السعوديون من قبل. على الجميع أن يراجع نفسه ويقف قليلا وقفة مع النفس لمصلحة تلك الأمة الطيبة. على الأزهر أن يراجع نفسه ويتراجع لخلفية المشهد فتقدمه الصفوف لم يضف للأمة شيئًذا خلال قرن من الزمان بل وعليه أن يغلق بعض أبوابه التى بلا فائدة تذكر سوى تفريخ الإرهاب لأمة مسالمة وإطعام أفواه مزايدة تستخدم الدين لجلب المال. المستقبل مخيف وعلينا الاستعداد له بالعلم والثقافة والعودة لهويتنا. هوية مصر.