الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اللاوعى ونشر أفكار الظلام

نفاجأ دومًا بوزارة موقرة تسعى جاهدة أن تكون هى المهيمن على المسار العام فى الدولة، باعتبار أن الزى هو السلاح الشرعى والتدين هو المنطلق واستنادًا إلى مقولة نشر إسلام وسطى.. وتأكيدًا لهذا الوعى والفهم يتم محاسبة واعظ لخروجه عن الخط العام، بانتقاده للدولة لتكريم المعطاء د.مجدى يعقوب باعتباره ليس مسلمًا.. إلخ فى الوقت ذاته نتناسى دعاوى آلاف الوعاظ  -بوعى أو بعدم فهم- بنشر الأفكار الظلامية ويشرعونها ويؤسسون لها فى كل حياتنا اليومية، فنزيد من اتكاليتنا وبالضرورة من نسلنا، فكله مكتوب وكل برزقه وأصبحنا على شفا منزلق جهالة؛ يدمر المجتمع، وعند التساؤل عما يجرى فى بر مصر، تكون هناك إجابات جاهزة بالسيطرة التامة على كافة المساجد ومنابرها فى كل أرجاء الوطن...وبالتالى فإن آلاف الوعاظ أصحاب هذه المنابر هم تحت السيطرة.. فنضمن رسالة إسلامية سمحاء وسطية تبعدنا عن الأفكار والمعتقدات الظلامية وعن الإرهاب...؟ بل نستمرئ الوضع أكثر فأكثر لنزيد الأمر تعقيدًا، بأن تكون آلاف المساجد مجالًا لدروس مسائية يومية طوال الأشهر الحرم، يؤكد خلالها الوعاظ على المفاهيم العامة للمجتمع لدعم الدولة ووأد الأفكار المتطرفة.. وكأن دعم مفهوم المواطنة وما ترتبه من حقوق، وتأكيد مبدأ العدالة والمساواة والحريات، هى هبة أقوال هؤلاء السادة الوعاظ «ذوو الثقافة الواسعة» والذين تفرخهم وتشرف عليهم هذه الوزارة الموقرة.. مؤكدة أن جميعهم ملتزمون ومؤكدة صلاحياتهم فضلًا عن الإشراف التام والمباشر عليهم !! وأتساءل ممن ؟...وما هى قدرات وإمكانيات أى جهاز عظيم للتحكم فيهم؟.. فما زال فهمى قاصرًا رغمًا عن بعض معرفة ومتابعة لأنظمة حكم شمولية ومستندة على أجهزة ضخمة، والتى لم تصل وهى فى ذروة مجدها وسلطتها أن تتحكم أو تسيطر على الأفواه، التى تنطلق فى آلاف الأبنية المنتشرة على ساحة القطر كله.. ويكفى حادث اكتشاف هذا الواعظ المشار له بعالية بنشره «هو وعلى صفحته فى وسائل التواصل» وعند ذلك تحركت الوزارة الموقرة.  والأمر الذى يثير التساؤلات: إن مثل هذه قرارات وإجراءات، تتناغم مع الهجمة الشرسة والمستمرة من المتأسلمين لصالح قوى إقليمية ودولية، لا ترضى بمصر قوية، تنتفض للتخلص من الظلامية ومن التخلف الفكري، لتمسك بناصية العلوم المستقبلية بأجيال شابة طموحة، وأن تتوافر لهم حياة كريمة، وعلم نافع، سيكونون مع وطننا فى آفاق تقدم وريادة، تحقق سلامًا واستقرارًا ونهضة لنشر الحداثة والعلم.. ونجتمع جميعًا على أهمية الإدارة الرشيدة، ولا شك أن حكومتنا تسير بنهج علمى، ولها الجهد المشهود لتحقيق آمال تطلعات شعبنا بأجياله الجديدة الواعدة. وهو أمر يلزم معه التكاتف والتعاون لتنظيم الإمكانيات المتاحة، لتحقيق النقلة النوعية المطلوبة فى حياتنا.. وخاصة إعداد أطفالنا وشبابنا، وهو ما يلزم أن تكون كافة موارد الوطن متاحة لتحقيق ذلك، ولا يُعقل أن تكون هناك أموال أو أصول مصرية وتحجب عن الصالح العام، لا توظف لرفع كفاءة منظومة التعليم فى مصر من توفير الأبنية الملائمة والأدوات والمدرس الكفء...إلخ بما يشكل مستقبل الأمة، ونحن نحجب الملايين من «موقوفات» للتصرف بها برؤية ذاتية، قد لا تتوافق والصالح العام  والمعلوم أن كل الموقوفات أصولًا وأموالًا فى أرض الوطن أو خارجه هى ملك للشعب كله، وعلى الحكومة إدارتها للنفع العام..وإن كنا نتحدث عن مسئولية «شأن عام» فهو مسئوليتنا جميعًا برلمانا يمثل الشعب، وإدارة حكومية لتحقيق ذلك، وهو الواجب على السادة أعضاء الأحزاب الموجودة، لتنهض بمسئولياتها الحقيقية فى نشر ثقافة تكاملية مع كل جهات الدولة، فى عملية واسعة وشاملة ومستدامة للارتقاء بالعلم والأخلاق والنهوض بالوطن لتحقيق ثورة ثقافية وعلمية.