الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بشير الديك فى شهادته على عصر من الإبداع: أصبحت كاتبًا بفضل إدمانى للقراءة

ريشة: عبدالرحمن أبوبكر
ريشة: عبدالرحمن أبوبكر

قرار لقاء ومحاورة كاتب، تعشق كتاباته وأفلامه ومسلسلاته شيء فى منتهى الصعوبة والقلق، ورغم شغفى للقائه، كان لابد وأن أستعد وأحضر لهذا اللقاء جيدًا كى لا تفوتنى هفوة فى ذهنى كنت أود أن أسأله عنها.



ذاكرت أعماله جيدًا، واتصلت به وحدد الموعد والمكان «الواحدة ظهرًا فى بيته»، وعلمت عند وصولى لمنزله بعد ملاحظتى للإجراءات الأمنية المشددة، أنه يسكن بجوار شخصية سيادية مهمة «رئيس سابق لمصر»، استقبلنى فى منزله ومعه حفيده لابنته، سألنى أين تفضلين أن تجلسي بالمكتب أم بالحديقة؟ ففضلت الحديقة كى يكون الحوار بيننا حرًا طليقًا، ووسط اللون الأخضر والورود بدأ يتحدث، ولم أكن أتخيل أن يكون بتلك البساطة والجاذبية، ونظرًا لفضولى وجمال خزائنه التى لا تنفد، طال الحديث لمدة ثلاث ساعات وكانت شهادته على عصر من الإبداع فى السطور التالية:

 

بداية هل الموهبة تكفى للنجاح فى مجال الكتابة الفنية؟

- الموهبة وحدها إذا أهملت تبددت، ولا ينتج ثمارها ويصبح صاحبها شخصًا عاديًا تقليديًا، ربما يكون صاحب الموهبة هذا له مواقف فى الحياة ومحبوب لدى أقاربه كطبيعة أى إنسان عادى، ولكن المفترض أن يعمل الموهوب على موهبته وينميها كثيرًا، حتى ينتقل من حياة الشخص العادى إلى المتميز.

وإذا كان موهوبًا كسولًا أو ملولًا؟

- لا أحد يُخلق ملولًا أو كسولًا هذه السمات تكتسب من طبيعة حياته الخاصة، وغالبًا هى نتيجة فعل خاطئ يتمرسه، ربما يكون ليس لديه همة، لا يقرأ ولا يدخل فى صراعات، وعلى النقيض أى شخص يدخل هذه التحديات تخلق الجانب الإبداعى لديه.

هل هناك نوع من الكتابة يكون أكثر صعوبة مثل الكوميديا مثلًا؟

- لا يوجد شيء صعب إذا كانت هناك موهبة، أنا لدى مقولة أؤمن بها جدًا، «إذا دخلت السبوبة من الباب خرجت الموهبة من الشباك»، ولو أننى أكتب كى أنال شهرة أو أحصل على أموال كثيرة، وهذا لا يمنع أن أحصل على أحسن أجر عندما أكون حقًا أفضل، وما يلفت نظر الناس إليك أن تكون أكثرواقعية من الواقع ذاته.

كيف اكتشفت موهبتك فى القراءة.. وكيف كانت طفولتك؟

- فى طفولتى كنت أقرأ بنهم غير طبيعى، وأهم ما يشغلنى فى حياتى القراءة ثم القراءة ثم القراءة، إلى أن أصبحت رغمًا عنى أريد أن أكتب، طوال الوقت أقرأ قصصًا ليوسف السباعى ويوسف إدريس ويحيى حقى، كل هؤلاء العظماء، وفى الأدب الروسى «أنطون تشيخوف» و«دوستويفسكى»، وعندما كنت فى المرحلة الثانوية، كتبت أول قصة لا أتذكر اسمها الآن، كانت رومانسية عن بنت تزوجت رجلًا فى سن والدها.

هل رأيت مثل هذه القصة فى الواقع أم أنها من وحى الخيال؟

- نعم رأيتها فى الواقع كانت بنت «قريبتى» شديدة الجمال وتزوجت رجلًا يكبرها فى العمر، وهذا كان من وجهة نظرى أيامها، ثمنًا كبيرًا حتى أننى أسميتها اسم يشبه «الثمن» أو «الضحية والعذاب» شيء من هذا القبيل، ومنذ هذا الوقت وأنا أحب الكتابة، التى بدأت خلال قراءتى، حينما سمعت صوتًا داخليًا يقول لى: «طيب ما أنا ممكن أكتب»، شعرت أن لدى خبرة تكونت من غزارة القراءة، وفى الجامعة اكتشفت عالم الرواية الحقيقى من خلال رواية «نهر الدون الهادئ» للكاتب الروسى «ميخائيل شولوخوف» هذه الرواية الذى أخذ عليها جائزة نوبل للأدب، أفزعتنى بل وأزعجتنى بشدة ً، لأننى عشت فى عالم ساحر وغريب وغير مألوف كسر كل الأنماط فى تلك الرواية، من هنا عشقت الرواية، كنت من قبلها أحب القصص القصيرة، ثم مررت بـ«طه حسين» و«نجيب محفوظ» ويوسف إدريس العظيم.

لماذا عندما تذكر يوسف إدريس تصفه بالعظيم أليس باقى الكتاب عظماء فى نظرك؟

- جميع الكتاب الذين ذكرتهم عظماء لا شك، لكن أنا أعشق يوسف إدريس على وجه الخصوص، وكيف كانت براعته فى حبك الحدوتة، كما أنه فنان عظيم حقًا كان جميلًا رحمة الله عليه، كان ينتظر جائزة نوبل قبل وفاته ولم يأخذها فحزن حزنًا بليغًا.

هل كنت على علاقة به عن قرب؟

- فى آخر حياته.. أتذكر كان هناك مؤتمر الأدباء العرب، يقام فى المغرب وكان هو رئيس الوفد المصرى، لكنه لم يحضر، وبعد فترة دعوته لحضور فيلم، كنت أجلس بجواره ولاحظت اندهاشه من عالم الفيلم، وطول الوقت يقول لى فى دهشة شديدة ما هذا؟  أى فيلم كنتما تشاهدانه؟

- «سواق الأتوبيس»، تحدث عن الفيلم بإعجاب شديد وأنا كنت خجلان منه، قلت له «حضرتك أستاذ الأساتذة»، ثم التقينا بعد ذلك مرات قليلة لكن كان قد حدثت ألفة وحب بيننا، كان هناك نوع غريب من التواصل الروحانى ظل بيننا، من حبى الشديد وإعجابى به كنت دائمًا ما أتحدث عنه وأذكره فى أى مناسبة قبل أن أعرفه أو ألتقي به، وعندما كنت فى الهند فى مهرجان السينما بـ«نيودلهى» للتكريم عن فيلم «سواق الأتوبيس»، تحدثت عنه قائلًا إذا كان أحد اخترع القصة القصيرة فهم ثلاثة «يوسف إدريس» و«تشيخوف»  و«إدغار آلان بو»، ووصله ما قلته عنه لأنه كان معنا «حمدى الكنيسى» و«مصطفى الفقى»، وطلبنى بعدها لنتقابل وهذا كان سبب أن أدعوه لمشاهدة الفيلم ومن وقتها أصبحنا أصدقاء. 

من الكاتب الذى ارتبطت به روحيًا وتأثرت به؟ 

- العظيم «يوسف إدريس»، و«تشيخوف» يكتبان القصة القصيرة وتربطهما درجة كبيرة من الاقتراب، أكثر الكتاب الذين أحببتهم على ما أذكر حاليًا.

ما أول قصة جذبتك إليه؟

- المجموعة الأولى له «أرخص ليالى» وبالتحديد قصة أرخص ليالى، مدهشة لأنها شديدة الاختصار قوية القدرة على الإيحاء بشكل غير عادى.

ما الذى استهواك كى تدخل عالم الكتابة للسينما؟

- أثناء الكتابة للسينما رأيت ذلك العالم السحرى، المذهل، أن تدخل إليها وتحيطك بأنوارها وفجأة تجد الأرواح كاملة بكل ما يمكن أن تتخيله السينما هى الفن السابع.

ما الذى شكلته القرية لك وجدانيًا وكيف ظهرت فى كتاباتك؟

- بدون شك تأثرت بقريتى فى دمياط لأننى نشأت وقضيت طفولتى وذكرياتى هناك، القرية تشكل وجدانى. 

من الملهم فى حياة بشير الديك؟

- هذه الكلمة نمطية، لا أحبها، وفى الواقع لدى احتياج حقيقى للكتابة، وأن أصنع سينما ولذلك وجب عليَ أن أجهد نفسى كى أصنع هذا العالم الذى أحبه، إنما الإلهام هذا كله كلام إنشاء، لكن الإنسان القادر على الالتقاط يلتقط الشخصيات المؤثرة فى حياته فأنا أمى بالنسبة لى كانت بحرًا خاصة أنها كانت تحب الفن والشعر، رغم أنها لم تحظ إلا بقدر ضئيل من التعليم، فهى معها الابتدائية فقط، لأن بلدتنا كان بها اثنان فقط من الرجال تخرجا من الجامعة ثم بعد ذلك فتاتان فى القرية كلها إحداهما زوجتى، هذا كان فى فترة الخمسينيات، وفى ظل هذه الظروف والدتى كانت مثقفة وتعشق الفن، حتى أن صوتها كان حلوًا فكانت تغنى، ولديها تراث من الأغانى، وأخذت منها بعض الأغنيات فى مسلسلاتى.

مثل ماذا وفى أى عمل؟

- مثل مسلسل «الناس فى كفر عسكر» أغنية كانت تقولها حنان شوقى دائمًا، «يا سيد يا عوف يا قلب الخصة روح للعجانة تعجن لك قرصة»، أخذت هذا التراث من والدتى رحمة الله عليها كانت حساسة جدًا، أمى لها دور كبير فى حياتى، كانت أى خبر يكتب عنى فى أى جريدة تأخذه وتقصه وتضعه فى برواز وتعلقه على حائط منزلنا فى القرية بجانب صورى فى كل مراحل عمرى المختلفة، دائمًا كنت أعمل حسابها فى أى عمل أقدمه، أفكر فيها وأقول لنفسى يا ترى هتقول إيه وهل ستجد لى أعذارًا إن أخفقت فى عمل ما، وأول فيلم كتبته كان «مع سبق الإصرار» كان توزيع وكالة «الجاعونى» للإنتاج الفنى، أتذكر التوزيع زمان كانت كل محافظة تأخذ نسخة تعرضها فى دور السينما وترجعها مرة أخرى لشركة التوزيع، فالشخص الذى أخذ النسخة الخاصة بمحافظة دمياط قالوا له إن مؤلف هذا الفيلم من عندكم، فقال للناس فى البلد.. ثم «لفوا البلد بميكرفون فيلم ابن دمياط البار بشير الديك»، فدعو والدتى ووالدى إلى السينما وحجزوا لهما بنوارًا وضايفوهما كما لو أنه فرح.. وكانت أمى فخورة بى جدًا، وظلت علاقتى بأمى كما لو أنها مرايتى وركنى الدافئ، حتى رحلت منذ أربعة أعوام وانطفأت معها أنوار الحياة، حتى أننى لم أزر بيتنا فى القرية منذ وفاتها لا أحتمل أن أذهب ولا أجدها فيه.

وماذا عن والدك وما ذكرياتك معه التى تذكرها حتى الآن؟

- والدى كان دائمًا مشغولًا نظرًا لأنه كان موظفًا فى وزارة الداخلية، وكنا ننتقل من محافظة إلى أخرى بسبب طبيعة عمله، انتقلنا من قريتى إلى دمياط ومنها إلى المنصورة، وتلك الفترة كانت دمياط بالنسبة لى الحلم، كانت قريتى هى الحلم المؤجل إلى أجازة آخر العام، كل ذكريات طفولتى فيها كما أنها قرية مدهشة، تقع على بحيرة المنزلة من ناحية ونهر النيل من ناحية والبحر المتوسط، تكاد تكون شبه جزيرة. 

كانت بداياتك مع المخرج عاطف الطيب، ولكما معًا أعمال وذكريات.. فمن هو عاطف الطيب كما عرفته؟

- عاطف رفيق العمر، التقيته حينما كنا نصور فيلم «موعد على العشاء» وهو كان يصور أول فيلم له «الغيرة القاتلة» فقابلته فى الإسكندرية مكان التصوير والذى كان سببًا فى ذلك التعارف مدير التصوير «سعيد شيمى» لأنه كان مصور فيلم «الغيرة القاتلة» والمصور معنا «محسن نصر»، وبعدما جئنا إلى القاهرة ازداد التعارف بيننا واقتربنا أكثر إلى أن قدمنا سويًا فيلم «سواق الأتوبيس» وهذا كان أول فيلم لى معه ومن بعدها توالت الأعمال بيننا..عاطف إنسان حساس وموهوب، قريب جدًا من روح الإنسان المصرى، الروح المصرية شيء شديد الخصوصية، لأننا بلد وحضارة ملهاش كتالوج، يستطيع أن يصل للإنسان المصرى من أبسط الوسائل وأسرعها، فتشعر أنه لا يوجد صانعة وهذا هو جمال الفن، أن يكون طبيعيًا، وحقيقيًا، تصدقه وتدخل عالمه، «عاطف مش متفزلك فى أدواته»، شديد البساطة ويعرف يعمل «كلوز أب» يبكى فى لحظة. 

فكرة فيلم «سواق الأتوبيس» كيف جاءت لك؟

- هناك شيء فجّر الرغبة لدى فى كتابته، محمد خان صديق عمرى جاءت له فكرة إن فيه سائق تاكسى والشخص الذى يركب معه يتحدث كثيرًا، وسواق التاكسى مل وغضب، فنزل من العربية على كوبرى أكتوبر وفتح الشنطة وأخرج جركن بنزين وولع فى العربية ومشى.. قلت له ما الذى تقوله فقال الراجل زهقان، قلت له ليه زهقان فقال «شوف أنت بقى».. وفى هذه الفترة كان يلفت انتباهى سائقى الأتوبيسات، وعدد كبير منهم كانوا ضمن جنود حرب أكتوبر، «شباب مهتمين بنفسهم»، ولفت نظرى أنهم ليسوا بعجائز أهملوا فى أنفسهم ومظهرهم كما اعتدنا على «سواق الأتوبيس»، أيضًا موقف حدث معى أنا وزوجتى حين أخذنا التاكسى إلى وسط المدينة وكان السائق رجلًا مسنًا ثم اعترض طريقه شباب تافهون وظلوا يضايقونه ولم يراعوا أنه رجل مسن فى منزلة أحد آبائهم، أو أنه ربما كان أحد جنود الجيش الذى دافع عنهم وعن سلامتهم وأمنهم، فانفعلت جدًا ولم أنس هذا الموقف، ومن هنا جاءت الفكرة، إنه يبقى البطل هذه الشخصية لكن لديه خلفية حربية خاض حروبًا مثل 1973 وغيرها، قدمت العالم الداخلى الخاص بى من خلال الشخصيات التى أقدمها.

هل تقصد أن كل شخصية قدمتها فيها جزء منك؟

- مثلاً شخصية الفنان عماد حمدى «المعلم سلطان» هذه الشخصية موجودة فعلًا فى الواقع، فى مدينة دمياط وحكايته قريبة جدًا من الرواية، لديه ورشة ميكانيكا وابنه اسمه جمعة، أنا أخذت هذه المادة الخام من الواقع وغزلتها، وهدفى فى النهاية أن تكون الشخصيات التى أقدمها ليست نمطية، وأن تكون مثيرة للدهشة.

كيف تكون حالتك وشعورك حين تبدأ الكتابة؟

- الكتابة بالنسبة لى مغامرة، ولو لم يكن بها مخاطرة أصبحت لا معنى لها، الفيلم لو لم يكن به روح المغامرة أصبح نشرة أخبار، مثلًا فى فيلم «ضد الحكومة» أحمد زكى كسر كل القواعد لكنه حدث له موقف فكان لحظة تحول، هل ممكن يتغير؟ هل ممكن يكفر عن أخطائه فى الماضي؟ هل من الممكن أن ينقذ ابنه؟

الفنان الراحل نور الشريف كان أيضاً حريصًا على أن يجسد شخصياته من الواقع.. فهل حقق أحلامك ككاتب بأدائه؟

- نور الشريف ممثل يجيد مهنة التمثيل، يجيد تلك الحرفة بجدارة، وكان مميزًا فى أنه يخلق لكل شخصية «لازمة»، يقرأ الشخصية ويعرف أبعادها ومن خلال هذه الأبعاد يبدع فى «لزمته»، عمل هذا فى أول فيلم لى «مع سبق الإصرار» كان «بيرمش كثيرًا»، لأنه قرأ الشخصية وحسها من الداخل وتعمق فى تفاصيلها، وفى فيلم «العار» أيضًا صنع «لازمة» للشخصية كانت إضافة لها، وهذا اجتهاد ممثل.

كيف كان محمد خان عن قرب؟

- محمد خان شخصية حالمة جدًا ويعشق الكاميرا بشدة، ودائمًا يرى أفضل من خلال الكاميرا «الكاميرا هى عينه» يحب جدًا أن يحول الحياة إلى لقطات سينمائية، مهموم بالسينما جدًا ولأنه عاش فترة طويلة فى إنجلترا فكان عاشقًا لمصر وشوارع مصر لأنه تركها وهو صغير لذلك عمل معظم أفلامه فى الشارع، نور الشريف هو الذى عرفنى عليه كان شابًا فى مقتبل حياته أثناء فيلم «ضربة شمس»، قال لى نورعنه «مش ممكن يا بشير بيصور فى الشارع وسط الناس».

خيرى بشارة نفس المدرسة ما رأيك فيه كمخرج؟

- «خيروله»، خيرى الفكر لديه فيه عمق، لأنه بدأ بالأفلام التسجيلية وتفوق فيها جدًا جدًا ولهذا إنتاجه قليل فى السينما، أفكار خيرى كانت مثل كل جيلنا كان يرفض البلاتوه ويخرج للناس لأن الأفلام لهم ومنهم «الواقعية» شيء مهم جدًا.

وماذا عن نادر جلال؟

- نادر جميل إلى أقصى درجة، أخلاقيًا وإنسانياً، وتكنيكيًا هو أعلى تكنيك «أسلوب أداء الحركة» رأيته وعملت معه، وهو ليس متفلسفًا وبسيطًا وعميقًا فى آن واحد، وحرفى على أعلى مستوى وعمل معى غالبية المسلسلات التى كتبها، من أول «الناس فى كفر عسكر» إلى «حرب الجواسيس» و«أماكن فى القلب».

 تميل دائمًا إلى البساطة.. فهل هى منهجك؟

- ليست البساطة وحدها ولكن التى يصحبها العمق، و لو كانت وحدها لا تعنينى.

كفر عسكر هل هى مستوحاة من قريتك؟

- هناك رواية للأستاذ أحمد الشيخ رحمة الله عليه اسمها «الناس فى كفر عسكر» قرأتها وأعجبت بها جدًا فقلت نعملها، لأن فيها عالم القرية، الذى أستطيع أن أعيشه وأتعمق داخل تلافيفه، وكنت متخوفًا جدًا من تجربة الدراما لأن التليفزيون يصل للناس بدون استئذان، وكنت أعمل حسابًا بدرجة كبيرة لأهل قريتى وأبى وأمى لدرجة أننى «تخابثت» وعملت بعض الشخصيات بنفس أسماء شخصيات حقيقة من أهل قريتى وجعلتهم يفعلون نفس مواقفهم وحرفهم مشابهة لحرفتهم، لدرجة إنهم كانوا يجتمعون عند أبى كل يوم قبل المسلسل ويقولون لأبى «والنبى يا حاج قول لبشير أنا معملتش كده»، والحمد لله استطعت أن ألفت انتباههم، حتى أن هناك شخصًا غضب منى جدًا، وكان يعمل قهوجى ونطلق عليه سرًا «محمد سكلانة»، أخذت شخصيته ونفس اسمه وفى مرة كنت أشرب قهوة عنده ورفض أن يقدمها لى، وحاولت أصالحه، فقال لى بغضب  «أنا تقول عليا سكلانة ده أنا بطل اسمى محمد البطل عديت القناة فى حرب 1973»، فقلت له «خلاص لم أكن أقصدك أنت ده واحد تانى» لكنه لم يصدقنى، وقال لى «النهاية مش حلوة، يحرق البلد كلها ليه؟!»، وهذا يدل على أنه ظل يتابع المسلسل حتى آخر لحظة.