الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

المطرب هانى والنقيب شاكر!

ريشة: عبدالرحمن أبوبكر
ريشة: عبدالرحمن أبوبكر

كالعادة. هناك كثير من الخلط تم. خلط ما بين انتشار أغانى المهرجانات. وما بين تأثيرها على الشعب وما بين منع الفنان هانى شاكر مطربى المهرجانات من الغناء وما بين الصراخ والعويل لحماية الفن المصرى الراقى. خلط تاه فيه الغرض وتم فيه الهدف المقصود. قضيتنا هنا ليست أغانى المهرجانات جيدة أم مسيئة. بل قضية قرار اتُخذ فى وقت خطأ. كثيرون من أصحاب المناصب فى مصر يظنون أن مناصبهم عزبة منفصلة عن توجهات الدولة. ينظرون نظرة ضيقة لمصالحهم وليس لمصلحة الأمة. وأصبح الصوت الانتخابى فى أحيان كثيرة أهم بكثير من مصالح الدولة. نقيب الموسيقيين هانى شاكر اتخذ قراره الفردى غير المسيّس بحجب أغانى المهرجانات وحظر مطربيها. قرار يبدو صائبًا لكن الغرض منه باطل. وقد يبدو قرارًا فى مصلحة القوة الناعمة المصرية خوفًا عليها من انحطاط مستوى غناء مطربى المهرجانات ومن كلماتها وألحانها. وقد يكون الفنان هانى شاكر اتخذ قراره من نابع غيرته على فن الغناء وقد يكون من أجل إرضاء الجمعية العمومية فى نقابته التى تعانى البطالة لأن مطربى المهرجانات لا يحتاجون إلى عازفين. لكن الحقيقة أن قرار هانى شاكر ليس قرارًا سياسيًا؛ بل يدل على أن السيد النقيب لا يقرأ المشهد السياسى جيدا وهو بمنصبه المهم كنقيب فى موقع سياسى يمثل أحد أطراف القوة الناعمة المؤثرة فى وجدان الشعب المصرى. قرار النقيب معناه استعداء لقوة جماهيرية كبيرة ضد الدولة التى يمثلها النقيب. مطربون لهم جماهيرية طاغية نابعة من فراغ كامل للفن المصرى الراقى المنحصر معظمه داخل أروقة الأوبرا التى لا يدخلها أحد إلا بالملابس الرسمية. وهو مكان طارد للشباب ولم يفكر السادة فى وزارة الثقافة وهم عبارة عن حفنة من الموظفين أن يهبطوا من أبراجهم العالية إلى الشارع حيث الغلابة المعدمين المطحونين المثقلين بالضغوط الاقتصادية التى تحاصرهم. شعب ينفس عن نفسه بالغناء العشوائى وبالتنكيت ليمر يومه الصعب. قرار النقيب جعل الدولة تفقد شعبية كبيرة كان سببها هؤلاء «مطربو المهرجانات» لظنهم أن النقيب اتخذ قراره وهو ممثل للدولة. أى أن الدولة تستعدى شعبيتهم الجارفة وهو ما استغلته اللجان الإلكترونية الإخوانية فى الداخل والخارج وهللت لقرار النقيب. ويغيب عن كثيرين سر الهجوم على الفنان محمد رمضان صاحب الشعبية الطاغية بين قطاعات كبيرة من الشباب وهو ممن طالهم قرار النقيب. محمد رمضان من الفنانين القلائل الذين التحقوا بالخدمة العسكرية وقضاها كاملة فى خدمة الوطن فى وقت عصيب ولم يهرب من التجنيد بشهادات مزورة كما فعل غيره من المطربين. محمد رمضان رغم موهبته الفذة فى مجال التمثيل لم يكن منتميًا لفنه ولموهبته بل أصبح منحازًا منتميًا للمال أكثر وهو ما جعله يتخذ تلك الخطوات لغناء المهرجانات بحثا عن المال الوفير. اختيار نابع من بذرته ولعدم وجود عقل يديره أو مخرج يوظفه كما تم مع الفنان أحمد زكى. رمضان ترك موهبته وأهملها ونسى دوره وانحاز للمال لكنه فى نهاية الأمر له شعبية طاغية ووطنى صناعة محلية وهو ما يضايق جهات خارجية تقود العولمة ولا تريد بطلًا شعبيًا صناعة محلية. بل تريد بطلًا عالميًا صناعة العولمة (كرامى مالك أو محمد صلاح) ليكون الأنموذج الناجح المطلوب. وهو سر كثرة منحهم الجوائز العالمية ليكونوا نموذجا يحتذى به ومطيعين لأى أغراض يريدها الغرب. قرار النقيب هانى وقائمة المنع التى نشرها بأسماء مطربى المهرجانات فارغ سياسيًا وخطأ وخطر ولن يحمى كما يقول الغناء الراقى. بل إن السيد النقيب يجهل أن تلك الأغانى ابنة وقتها وستنتهى سريعا لكنها أداة للتفريغ والتنفيس ولها شعبية طاغية ويبدو أن العاملين معه فى مجلس النقابة يريدون نسبة من مكاسب هؤلاء المطربين من اليوتيوب. مصالح ضيقة يمكن أن تسبب كارثة. تلك النوعية من الأغانى موجودة فى كل أنحاء العالم. أغانى شعبية نابعة من ثقافة الشعب مهما كانت درجة جهله أو ثقافته. وعلى السيد النقيب أن يراجع نفسه قبل فوات الأوان. ويضع مصلحة الدولة فوق المصالح الشخصية الضيقة المنتشرة فى قطاعات كثيرة فى الدولة. هانى شاكر نموذج مكرر فى قطاعات القوة الناعمة فى الدولة. فى الصحافة والإعلام المرئى والمسموع. وتلك كارثة.