الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

« الليثى»يبحرفى خطوط الزمن على وجوه.. «ولاد البلد الشقيانين»

 قدر له خالقهُ عند مولده ، أن يكون مُبدعا عاشقا للجمال ؛ يتغذى على الرحم الذى احتواه بين جنباتهِ ؛ فيصيرُ يرقة، وقد زاد وزنه عشرات الأضعاف عما سبق ، ولكن يظل شَرهه للمزيد من الإبداع متوقدا، يريد أن يُحلق بعيداً بلا  قيد، ثقيل الحركة ولكنه ملئ بالإصرار، يتعلق بأحد فروع الشجر بحبل من  حرير ، تتشكل أجنحتهُ وتتلون بحُب  التفرد، و فى الوقت المناسب تتفتح شرنقته لتعلن عن ميلاد فرشاة زاهية الألوان؛ ليبدأ رحلتهُ الجمالية التى خُلق لها ، حاله مثل حال كل المبدعين ،الذين حباهم الله بالموهبة مع ميلادهم؛ فتظل تنمو وتشكل أرواحهم حتى يأتى ميعاد انطلاقهم الحقيقى  . 



 « الهايبر ريلزم »

أجواء الفوضى ، وعدم وضوح الرؤية  التى سادت،  فى أرجاء مصر، بعد ثورة 25 يناير؛ وقتها كان الفنان الشاب عادل الليثى ، حاصلا  على بكالوريوس التجارة ، يعمل   فى قطاع السياحة المختلف كلية عن طبيعة دراسته الأساسية،  ونظراً لحالة الركود التى مرت بها، مختلف القطاعات فى مصر فى هذا التوقيت ، ظهر على سطح أولوياته من جديد؛  حبهُ لفن الرسم الذى تأصل داخله، فأخذت شراهته للتميز تدفعهُ للبحث عن «  الجديد» ، ووجد سلوتهُ فى فن «الهايبر ريلزم» وهى الأعمال الفنية التى تعتمد على الدقة الفائقة فى نقل التفاصيل الصغيرة ، فرسم  «البورتريهات» التى لم يتعمد فيها نقل تفاصيلها الدقيقة فحسب، وإنما نقل روح شخصيتها ، ممتزجة بذكرياتهِ الخاصة المقترنة بأصولهِ الريفية ، وخبراتهُ المتراكمة بمشاعر«ولاد بلده »  الذين يستقى من أرواحهم تفاصيل خطوطه وألوانه ، بما ترسخ فى وجدانه من عشق لتفاصيل مفردات هذه الحياة التى يعيش فيها باعتباره واحدا منهم . 

تجرد الليثى  فى معرضه الأخير بجاليرى «جرانت»، الذى افتتحهُ الفنان الكبير فرحات ذكى، تجرد الليثى  أخيراً من شرنقة « الهايبر ريلزم»وأطلق أجنحتهُ الملونة الطويلة ، و ضربات فرشاته الجريئة القوية؛ لتسجيل المهن البسيطة التى انقرضت فى معترك حياتنا اليومية، وتمعن فى تجسيد تفاصيل قسمات وجوه«الشقيانين»التى أكل عليها الدهر و شرب ؛ فى محاولة منه لتكريمهم ورد جميلهم عليه   ، فهم أساس تكوينهُ الفنيِ وسر تميز أعماله، التى حجزبها لنفسه مكاناً بين من سبقوه من المبدعين فى هذا الميدان ،  و على رأسهم أحد العباقرة المتواضعيين الفنان الكبير محسن أبو العزم؛ ليصير الليثى خليفته فى نقل حُب هذا الوطن بتصوير أبنائهُ من الفلاحين البسطاء ؛ أصحاب القلوب البيضاء النقية؛ والملامح المصرية المتشبعة بطمى النيل وشمس مصر وقمحها.