الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عمل إيه الحب فينا؟

اجتمعت مع صديقاتى المقربات، بمناسبة عيد الحب، تزوجنا جميعًا عن قصص حب عميقة جدًا،  إلا واحدة فقط تزوجت بحسبة العقل والمستقبل المضمون ماديًا واجتماعيًا.



بعد العشاء،  توجهت إلى منى بلغة ساخرة «إيه أخبار براد بيت»، ردت بحماس: «نال أخيرًا جائزة الأوسكار عن أفضل ممثل مساعد عن فيلم «Once upon a time in Hollywood».

 

 ضحكت بشدة وقلت لها: إننى لم أقصد براد بيت الممثل الأمريكى المشهور، أقصد زوجك العزيز، وذكرتها عندما أخبرتنى أول مرة عن قصة حبها وقالت لى يومئذ بالحرف الواحد «إننى أحب شابًا رائعًا أجمل من براد بيت»، ردت بانفعال: «أنا حاليًا متزوجة من الشاويش عطية فى فيلم إسماعيل ياسين فى الأسطول»!. ومن هنا بدأنا حكايات الحب الذى كان، وماذا فعل بها الزمان.

من براد بيت للشاويش عطية

منى كما هى منذ عشرين عامًا، تحتفظ برشاقتها وأناقتها ولم يزد وزنها جرامًا واحدًا. سألنا منى فى نفس واحد، ماذا حدث كيف تحول «براد بيت» إلى «الشاويش عطية» مع كل التقدير والمحبة لشخصية الشاويش عطية والفنان العظيم الذى جسدها رياض القصبجى. قالت: «اكتشفت بعد الزواج أنه يعشق الأكل جدًا، وأنه طباخ ماهر يطهى كل أنواع الطعام  أفضل من أى شيف محترف، الطعام هو لغة الغرام التى يعرفها ولا يعرف غيرها، يطبخ فى كل عيد لزواجنا السعيد المكرونة الاسباجيتى واللحمة الفيليه، ليذكرنى بأول موعد غرام تناولنا فيه هذه الوجبة، عندما يحب أو يفرح  أو يحزن يطبخ، وكل مناسبة لها طعامها المميز حتى صار وزنه فوق 130 كيلو جرامًا، وأولادى الثلاثة يعانون من السمنة».  فقلت لها: «بصراحة زوجك لم يكن يومًا يُشبه «براد بيت» الأشقر، هو أقرب إلى شكل الشاب المصرى ذو البشرة السمراء والطول المتوسط، لكن الحب يصور لنا من نحب كما نحلم ونتمنى». أما باقى الصديقات فقلن لها اشكرى ربك على هذا الرجل الرائع، كل النساء تحلمن بهذا الطباخ الماهر. قالت فى هدوء «وأنا أيضًا أشكر ربنا على هذه النعمة، لكنى مازلت أحلم أن أتزوج براد بيت».

من هدى شعراوى إلى الست أمينة

أما الصديقة الثانية أمينة، فقد ظلت صامتة طوال العشاء، كنا نناديها فى الجامعة «هدى شعراوى»، كانت لا تتكلم  إلا عن حقوق المرأة الاجتماعية والسياسية، وتحلم أن تتزوج رجلًا تقدميًا مؤمنًا بحق المرأة فى المساواة الكاملة، وقد حققت أمينة كل ما حلمت به أصبحت سيدة أعمال مرموقة، وتزوجت رجلًا تقدميًا، سألتها «لماذا كل هذا الصمت، فين الزعيمة محررة المرأة». انفجرت فى وجهي: «خلاص زهقت من دور الزعيمة،  ودور المرأة القوية المعتمدة على نفسها فى كل شىء، أريد أن أعيش حياة المرأة المدللة التى تعتمد على زوجها». قلنا لها جميعًا: «ألم يكن هذا هو حلمك القديم». قالت: «نعم لكن زوجى أصبح يعتمد علىّ ماديًا، ويعمل فقط عندما تروق له الوظيفة ولا يستمر فى عمل واحد أكثر من سنة». ردت عليها منى فى استنكار: «الناس كلها تحسدك على نجاحك، وبصراحة شديدة دون هذا الرجل  الواعى الذى لم ينكر يومًا طموحك الذى ليس له حدود، ما كنت هذه السيدة الناجحة». قالت أمينة: «ممكن كل الحق، لكن ماذا أفعل أحيانا تراودنى أحلام الأنوثة البلهاء».

المغامرة المكسورة

ونأتى إلى الصديقة الثالثة «هيفاء»..حضرت العشاء وساقها فى الجبس. «سلامتك يا هيفاء ماذا حدث» سألناها جميعًا، قالت: «الحمد الله.. البركة فى زوجى ومغامراته، كنا فى رحلة سفارى فى كينيا لنرى الأسود والحيوانات البرية فى بيئتها الطبيعية، سقط على قدمى وشعرت بألم شديد ولكنى تحملت حتى لا أفسد على زوجى رحلة العمر، وعندما رجعنا مصر اكتشفت أنه شرخ فى الكاحل». ضحكنا بصوت عالٍ وقلنا لها: «تحملى أليس هذا هو الشاب المغامر الذى عاندت أهلك من أجله» قالت: «نعم ومازلت أحب عشقه للسفر والمغامرات ولكنى تعبت من وحقى بعض الراحة».

مها الحالمة

مفاجأة السهرة كانت مها، تزوجت من شاب ثرى جدًا منذ عشرين عامًا، بعدما تخلت عن قصة حبها الحقيقية. لم يجبرها أهلها على ترك الشاب المتواضع لتتزوج الغنى كما يحدث فى الأفلام، كان اختيارها بحسبة العقل والمال والمستقبل.  فى نهاية السهرة، أخبرتنا مها فى سعادة حقيقة أنها طٌلقت، لأنها  اكتشفت أن الزواج دون حب مؤسسة لا تٌحتمل». سألتها: «هل تحبين خالد حتى الآن». أجابت: «ذكريات حبنا البعيدة هى الشىء الوحيد الحى فى قلبى وعقلى، هى متعتى الحقيقية.  خالد هاجر إلى أستراليا بعد زواجى وانقطعت أخباره، لكنى أحلم به كل يوم بعد طلاقى، إنه عاد ليقول لى أنه عرف مئات النساء الأجمل والأصغر والأذكى منى، لكنه لم ينسنى يومًا وأننى عشقه الوحيد». قلت لها بطريقة ساخرة «أنتِ تعيشين دور البطلة فى رواية  (الحب فى زمن الكوليرا) لماركيز، التى عاد إليها حبيبها القديم بعد خمسين عامًا من الفراق وبعد أن أصبحت أرملة عجوزاً، ليقول لها هيا نستكمل قصة حبنا التى كانت». قالت لى بصوت رقيق مليء بالحب جعلنى أندم على سخريتى من حبها الرومانسي: «قرأت هذه الرواية عشرات المرات وأتمنى مصير بطلتها ولو ليوم واحد، كل واحدة منكن عاشت قصة حبها واكتشفت الجانب الواقعى فيها إلا أنا». قصة مها «روت قلبى بالنشوى» -كما قال صلاح جاهين- الحب النقى مازال موجودًا، ويعيش فى قلوبنا، ويهون علينا مرارة الحياة. رجعت فرحانة إلى بيتى وقررت أن أحكى لزوجى قصة «مها» لتكون هديتى له فى عيد الحب، لأقول له إن الحب موجود حتى فى زمن الكورونا.