الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية حيران.. ما بين الدفاع عن أمننا القومى وصورتنا فى الخارج

قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية حيران.. ما بين الدفاع عن أمننا القومى  وصورتنا فى الخارج
قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية حيران.. ما بين الدفاع عن أمننا القومى وصورتنا فى الخارج


يرتبط اسم العمل الأهلى فى مصر بالتمويل الأجنبى وإن شئنا أم أبينا فهى ضرورة ملحة لكى ترتقى المجتمعات حقوقيا وتنمويا بعد أن تعجز الحكومات عن تحقيق هذه الأهداف، فيبقى العمل الأهلى شريكا حقيقيا فى تحقيق التنمية المستدامة.
فى جلسة ساخنة عقدها مجلس النواب تمت الموافقة المبدئية على قانون «تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة فى مجال العمل الأهلى» والذى تقدم به 203 نواب أكثر من عشر عدد أعضاء المجلس، ونال التأييد والموافقة من قبل عدد كبير من أعضاء مجلس النواب، حيث تعتبر هى المرة الأولى منذ بداية عمل المجلس والتى يصيغ أعضاؤه فيها قانونا بعيدا عن الحكومة.. النواب أكدوا أن صدور القانون ضرورة ملحة فى هذه الفترة وهى قضية شائكة تتعلق بالأمن القومى، فيما رأى نشطاء العمل الأهلى فى مصر أن القانون به عقوبات سالبة على ممارسة العمل الأهلى فى مصر وأنه عودة لقوانين تأميم العمل الأهلى والتى كانت موجودة فى الستينيات فضلا عن أنه يسمح بالتدخل الأمنى ويعطى صورة سيئة لمصر فى الداخل والخارج.. ومن أهم ملامح القانون الجديد أنه منح المواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطى وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار وتمارس نشاطها بحرية ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل فى شئونها أو حلها أو حل مجالس إدارتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائى.. وحظر المشروع المكون من 89 مادة إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات يكون نشاطها سريا أو ذا طابع عسكرى بينما نص القانون على عقوبة خمس سنوات لكل من يعاون أو يشارك منظمة أجنبية فى ممارسة نشاط أهلى بغير الحصول على تصريح أو من يجرى بحوثا ميدانية أو استطلاعا للرأى دون الحصول على موافقة مسبقة.. كذلك هناك عقوبة بالسجن لمدة لا تزيد على سنة وغرامة من 20 ألفا إلى 500 ألف لمن ينقل مقر جمعية إلى مقر جديد بخلاف المكان المخطر به.
إسقاط الدولة
النائب أسامة شرشر أكد أنه عقب ثورة 25 يناير كان هناك العديد من المحاولات لإسقاط الدولة المصرية من خلال تمويلات مشبوهة وكانت بابا خلفيا لتمويل الإرهاب، ومحاولة لتقسيم الوطن والدولة المصرية، وقال مصطفى بكرى خلال الجلسة إن ما صرف من أموال أجنبية لزراعة الفوضى وصل لمليار و200 مليون وأن بعض الجمعيات حصلت على مبالغ وصلت للملايين وأنه يمتلك مستندات عن جمعية مصرية تتقاضى تمويلات من 17 جهة أجنبية مختلفة، مشيرا إلى أن القانون لا يسىء لسمعة مصر دوليا كما يشير البعض.. فالضوابط والمعايير التى جاءت فى المشروع تتوافق مع الدستور والقانون ومتبعة فى عدد كبير من البلدان.
أفضل القوانين
بينما أكد محمد أبو حامد وكيل لجنة التضامن أن مدى تقدم الدول يقاس بمدى دعمها للمجتمع المدنى، مؤكداً أهمية القانون وأنه من أفضل القوانين التى صدرت عن البرلمان فى هذا الفصل التشريعى فالجمعيات الأهلية شريك أساسى فى عمليات التنمية وأن الدستور قد نص على إشهار الجمعيات بمجرد الإخطار، وهو ما تم مراعاته أثناء مناقشة القانون وألا يكون هناك تدخل من الدولة فى شئون الجمعيات وأغراضها وألا تكون هناك إعفاءات أو مزايا للدولة تجاه مؤسسات المجتمع المدنى للتشجيع على العمل التنموى.
وأوضح أبو حامد أن مصر تعرضت لمخاطر تهدد الأمن القومى فى الفترة الماضية وأضرت مصالحها لذلك تم استحداث الجهاز القومى لتنظيم عمل الجمعيات والمنظمات الأجنبية لضمان حماية الأمن القومى المصرى وحماية مصر من التدخلات السافرة فى شئونها الداخلية، وأن القانون أعطى حماية للجمعيات الأهلية. 
القانون الذى لم يره المجتمع المدنى
على جانب آخر رفض 6 أحزاب و22 منظمة حقوقية القانون الجديد وأصدروا بيانا صحفيا أعربوا فيه عن رفضهم واستيائهم من القانون الجديد، مؤكدين أن القانون يقضى على المجتمع المدنى ويحيل أمر إدارته للحكومة والأجهزة الأمنية وأدان الموقعون على البيان وهم الحزب المصرى الديمقراطى والتحالف الشعبى الاشتراكى وحزب الدستور وحزب مصر الحرية وحزب التيار الشعبى وحزب العيش والحرية ومن المنظمات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف ومركز هشام مبارك ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ومركز الأرض لحقوق الإنسان ومؤسسة المرأة الجديدة ومصريون ضد التمييز، حيث تعامل البرلمان مع المجتمع المدنى باعتباره عدوا تحاك الخطط والقوانين السرية للقضاء عليه.
ووصف البيان مشروع النواب بأنه أشد قمعا وعداء من مشروع الحكومة للجمعيات الأهلية والعمل التطوعى والمبادرات الجماعية وأنه فى حال إقراره سيتسبب فى مذبحة مؤكدة للجمعيات الأهلية العاملة فى مجال التنمية والخدمات الاجتماعية المشهرة بالفعل إذ يتعين عليهم بموجب القانون توفيق أوضاعهم والتسجيل وفق شروط فضفاضة للتسجيل منها عدم ممارسة نشاط يتعارض مع الأمن القومى والنظام العام ويفترض أن تبت الجهة المختصة التى لم تحدد بعد ما إذا كان نشاط الجمعية يتوافق واحتياجات المجتمع وخطط الدولة فى التنمية من عدمه وهو الشرط الذى يمثل عودة صريحة لقانون الجمعيات الأسبق رقم 32 لسنة 1964 والمعروف بقانون التأميم الأهلى.
قانون جديد
الناشط الحقوقى سعيد عبدالحافظ رئيس ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان قال إنه من حيث المبدأ مع الفريق الذى يرى أننا بحاجة إلى قانون جديد للجمعيات فى مصر لسببين رئيسيين الأول أنه جزء من التزام الحكومة المصرية أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان والثانى أن القانون الحالى 84 لسنة 2002 تجاوزه الزمن ولم يعد قادرا على إيجاد علاقة تتسم بتفهم الدولة لدور المنظمات الحقوقية، ومن ناحية أخرى لم يعد القانون الحالى قادرا على التصدى لظاهرة شركات حقوق الإنسان التى باتت صداعا مزمنا فى الجسد الحقوقى. وأوضح عبدالحافظ أن هناك بعض التحفظات أولا: من حيث الشكل فقد كنا نسير فى اتجاه مناقشة القانون المقدم من الحكومة والذى كان يتمتع بتوافق كبير من قبل المنظمات الحقوقية ولكننا فجأة وجدنا أنفسنا أمام قانون آخر لا نعلم عنه شيئا، فالقانون المقدم من قبل النواب به بعض التقييدات ولعل من أبرزها أنه أبقى على العقوبات السالبة للحرية وهذا أمر غير مقبول وكذلك قصر مشروع القانون على أنشطة التنمية والرعاية الاجتماعية ومتجاهلا الأنشطة الأخرى للمنظمات الحقوقية.. وكذلك النص الخاص بضرورة موافقة الوزير على فتح مقرات للجمعية وهو تشدد غير مقبول، وأما فيما يتعلق باعتبار عدم موافقة اللجنة على المنح التى ترد للجمعية إذا لم ترد اللجنة خلال 60 يوما فيخالف القواعد العامة.. أيضا من بين التحفظات هو حل الجمعية إذا ارتكب أحد أعضاء مجلس إدارتها جريمة وهو ما يعد عقابا جماعيا للكيان نفسه وحله بينما الأصل هو توقيع عقوبة على عضو مجلس الإدارة المخالف أو حتى حل مجلس الإدارة دون المساس بالشخصية الاعتبارية، سألته لكن النواب يؤكدون أنه لا خلافات جوهرية بين القانون الذى تقدموا به وقانون الحكومة، فأجاب هذا كلام غير صحيح، فقانون الحكومة كان عليه توافق كبير وتعاملت الحكومة بمرونة كبيرة مع كل طلباتنا ومشروع الحكومة كان أكثر تفهما لدور المنظمات الحقوقية.
ملاحظات أخرى
الناشط الحقوقى محمد زارع نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أكد أن القانون خرج للنور بدون أى تشاور حقيقى مع المجتمع المدنى حتى المجلس القومى لحقوق الإنسان وهو الجهة الحكومية التى من المفترض أنها جهة استشارية للدولة لم يعرض عليهم القانون، فضلا عن أن كل مشروعات القوانين التى تم طرحها ومناقشتها، لم يعتد بها ولم يؤخذ بها أيضا ثم تفاجأنا بأن وزيرة التضامن الاجتماعى تخرج بقانون ثم يخرج برلمانى بقانون آخر فالمناخ الذى يتم فيه إصدار القانون مناخ غريب وهناك إصرار غير عادى على تمريره.
وأوضح زارع أن أهم ملاحظاته على القانون الجديد هى آلية حل الجمعية لأى مشكلة موجودة والحبس لأى مخالفة، فالقانون يرسخ أن المجتمع المدنى تصرفاته غير مسئولة وبما يؤكد وجود تربص فى الفترة القادمة للعمل الأهلى.
وأشار زارع إلى أن المستحدثات التى أوردها القانون تقول إن الدولة تنظر إلى المجتمع المدنى بأنه مجتمع غير وطنى ومنها المواد الخاصة بإنشاء الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية.
والمادة الخاصة بتشكيل إدارة الجهاز والذى سيتكون من ثلاث جهات أمنية وهى وزارات الداخلية والمخابرات العامة والدفاع بالإضافة لممثلى وزارات الخارجية والعدل والتعاون الدولى والوزارة المختصة بالجمعيات وممثل للبنك المركزى وآخر عن وحدة مكافحة غسيل الأموال وعن هيئة الرقابة الإدارية ويصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية وبحسب القانون يختص هذا الجهاز بالبت فى شئون المنظمات الدولية غير الحكومية وتمويل وأوجه التعاون بين الجمعيات المصرية وأى جهة أجنبية حتى إنشاء لجنة بين جهات عليا من المخابرات وأمن الدولة هى مستحدثات تقول إن المجتمع المدنى مجتمع غير وطنى.. وأوضح زارع أن الوضع الحالى ربما يكون نسخة من الفترة السابقة وكل القيود التى كانت موجودة هى نفس القيود التى كانت موجوة فى عصر مبارك بما فيها من تدخل للأجهزة الأمنية.
وأكد زارع أن القانون الجديد سيؤدى إلى تضييق العمل على المجتمع المدنى وسيعطى مؤشرات سيئة فى الخارج والداخل. •